للمناقشة ...

بإمكانكم مناقشة ما اطرح و التفاعل معه وتبادل الآراء على حسابي بتويتر alfargad@

الأربعاء، 8 يونيو 2011

بذرة بيتر ... كم نحن بحاجتها اليوم





هذه قصة قيمه ومفيده وفيها عبر جمه ، وقيم كبيره أبرزها قيمة الصدق التي نفتقدها في هذا الزمان الصعب للأسف ، القصة التي سؤوردها هي قصه استمعت اليها من الدكتور والاستاذ الفاضل استاذي د.خالد المريفع ومهو متخصص في تطوير الذات و ادارة الذات والنجاح ...

القصة حدثت بالغرب وهي انه كان ثمة شخص مالك لمؤسسه اقتصاديه كبرى بها عدد كبير من الموظفين ، الشخص هذا لا يحضرني اسمه لأني استمعت للقصه منذ زمن لكن لنكتفي بتسميته هنا  "بالمالك" ، كان هذا المالك رجلاً كهلاً يملك امبراطوريه اقتصاديه في مجال الاستثمار والأعمال ولكنه كان قد هرم وهو على رأس مؤسسته تلك وقرر كهلنا بعد سنين من العطاء لها والبناء والتطوير أن يتقاعد ويجعل الأموال تتدفق الى حسابه وهو يحتسي الشراب في احد الجزر في الهادي أو لربما في مزرعته الخاصه وهو يجلس على كرسي متأرجح ، وكان لابد له من شخص يكون كل هذا بمعيته وعلى أكمل وجه ...

" المالك " وحتى يفعل كل هذا وهو قرير العين هادئ البال لابد أن يسلم دفة القياده لشخص قادر و لابد أن يختار الأكفأ والأميز والذي يرى به أنه هو ذاته هذا الكهل في مرحلةٍ مضت بجده ونشاطه وتفانيه ، ولكن كيف السبيل الى الحصول على هذا الشخص المطلوب !!؟

الجواب عند كهلنا كان حاضراً فقد أعد معياراً مسبقاً لهذا الأمر ، منذ الوهلة الأولى عندما راودت المالك فكرة التقاعد وقد حدد تقاعده بعد عام منذ تلك اللحظه قرر أن يقيم اختباراً لمدراء الشركة المرشحين للمنصب من بعده ليختار الأكفأ منهم لقيادة دفة المسير والنماء للمؤسسة فكان التالي ...

جمع الرجل العجوز كل المدراء في كبرى قاعات الأجتماعات واخبرهم بعزمه على التقاعد ، طبعاً الكل منهم أظهر استياءه من الخبر بعضهم كان صادقاً والبعض الآخر لم يكن ، لكن الجميع اتفقوا بالفضول لمن سيكون التالي بعد الرجل العجوز ، لم يجعل العجوز صبر المدراء ينفذ ففاجئهم أن التالي منهم !! ، نعم منهم ابلغهم المالك أنه لايريد أن يضع أحداً من عائلته غير متخصص على هرم المؤسسه بل يريد احداً منهم أي من المدراء عليها ، أقله طالما كان هو المالك ، وأخبرهم بأنه أعد معياراً لإختيار الرجل التالي على قمة الهرم ألا وهو اختبار مدته سنه وهي المده التي سيتقاعد بعدها ، ووسط دهشة الجميع وزع المالك على كلٍ منهم علب صغيره كتلك التي توضع فيها الهدايا الصغيره والخواتم ، كان في كل علبه يوجد الاختبار في داخلها وقال بناءً عليه سوف أعلن اسم المدير القادم في هذا المكان بعد عام ، طلب المالك من الجميع فتح العلب ففعلوا .

لقد كان في كل علبه بذرة نبات دهش الحضور مما وجدوا وأخذ كل منهم ينظر للآخر عله يكن مختلف عنه لكنهم كانوا سواسيه لكل منهم بذره !! ، سئلوا المالك : ماهذا ؟ ، فأجابهم أن هذه بذره لكل واحد يذهب بها الى بيته يزرعها وينميها لمدة عام وبعد هذا العام سيكون صاحب أكبر وأعظم نبته وأجمل نبته هو المدير القادم ، وأبلغهم أنه سيستعين لهذا بخبراء في علم النبات لتحديد الفائز ، فوراً قفز احدهم وقال للمالك سيدي نحن مدراء متخصصون تخرجنا من ارقى كليات الاداره بالعالم ولسنا مزارعين حتى نزرع الشجيرات لتزيين ممرات المؤسسه !

فأجابه المالك بأنه يحمل قصداً من وراء هذا الأختبار وقال : من واقع خبرتي في عالم النبات أعلم أن زراعة النبته ورعايتها منذ أن تكون بذره وجعلها الأجمل بين أخواتها أمر يحتاج إالى صبر ومثابره واهتمام وهي بالضبط الصفات التي يجب أن تتوفر في المدير الجديد للمؤسسه ففي عالم الاقتصاد تتحتاج للصبر على المتغيرات والمثابره مع المستجدات والاهتمام بالمعطيات وهو ما نحتاجه في الشخص القادم والآن انصرفوا يا ساده لأعمالكم و أراكم بعد عام من الآن لأختار أحدكم لهذا المنصب ، انصرف الجميع يحدوهم الأمل بالنجاح في الإختبار الغريب و المفاجئ في آن .

كان بين المدراء مدير شاب يمثل جيل المدراء الجدد " حالم و مجتهد ومثابر "  وعلى قدر من المسؤوليه و المصداقيه ، مديرنا الشاب هذا اسمه (( بيتر )) ، لا يستطيع بيتر أن يخفي طموحه الكبير تجاه المستقبل وبخاصه عن زوجته التي هي أغلى مايملك في حياته و بالتالي كان من الطبيعي أن يشركها بالأمر ويأخذ منها المشوره و من الطبيعي أن تمد الزوجه المخلصه يد العون لزوجها ، وفور وصول بيتر للبيت أخبر زوجته بالأمر ففرحت الزوجه وأبدت حماساً للفكره وابلغته أنها ستعاونه في هذا الأختبار بكل سرور و بدأ الزوجان في مرحلة جمع المعلومات والقراءه عن النبات وسؤال المتخصصين من باعة الزهور والشجيرات و حددا جدولاً زمنياً للموضوع وبخاصه انهما يملكان سنةً كامله .

بعد مرور "شهر"

جمع المالك "المتسابقين" اذا صح الاصطلاح في احدى القاعات وابلغهم بالتالي : يا ساده ضعوا في اعتباركم ان البذره التي وزعتها عليكم بحاجه لعنايه فائقه و درايه كي لا تفسد واذا قام احدكم بزراعتها بشكل خاطئ قد تفسد ولا تنبت وفي حال حدث ذلك على صاحب البذره التي فسدت أن يبلغني فوراً و أن يعتبر نفسه خارج المنافسه ولكونكم لاتمتلكون خبرةً بالزراعه أتوقع أن استقبل عدد لابئس به من اصحاب البذر الفاسده ! انتهى .

خرج الجميع وقفلوا عائدين الى بيوتهم لاستئناف رعاية بذراتهم ، اما بيتر فقد راح يشتري لوازم الزراعه من حوض و سماد و شباك لحماية (نبتة الحلم) كما يبدو ، ظل بيتر وزوجته يخططان لأنسب الطرق لرعاية البذره خاصةً بعد كلام المدير عن فساد البذره في حال سوء التنشئه ، وبعد مرحلة جمع المعلومات والتجربه على نباتات أخرى شرعا في زراعة البذره بأفضل أنواع التربه والسماد و أغلاهما وبعد مرور 3 أشهر لاحظا ان بذرتهما لم تنبت يراعاً البته ولم تنبت ولو حتى يراعاً جافاً حتى ، فضلاً عن أن يكون نضراً صحياً !!

خشي بيتر أن يكون قد ارتكب المحظور وأفسد بذرته صعق هو وزوجته التي علقت الآمال على طموح زوجها الجديد وطفقا يحملان البذرة ومتعلقاتها الى متاجر المزروعات علهما يستصلحانها أو علهما يكونا مخطئين في ما ذهبا اليه من ظن ، وما طفقا ينتقلان من متجرٍ الى متجر ليقول لهم هذا انه لا يعلم سر فسادها وآخرٍ يخبرهم أنه لايعرف هذه البذره من الأساس وثالثٍ يخبرهم أنه من الممكن أن تثمر وان بعضها يأخذ مده طويله وأنه مازال يوجد أمل ، تعلق الزوجين بالآمال وراحا يحاولان تعديل الوضع من جديد ، اراد بيتر أن يجس نبض زملاءه اللذين لم يتقدم أحد منهم ليعلن أن بذرته فسدت و يرفع الراية البيضاء الا أن بيتر اصطدم بجدار الصمت و التكتيم فلا أحد يخبر بطريقته في زراعة بذرته أو بنوع سماده أو حتى الى أين وصل ويكتفون بالقول أنهم سعداء بما انجزوا وان كل واحد منهم يقول انه سيكون المدير القادم .

بعد مرور 6 اشهر 

جمع المدير العجوز المتسابقين وقال لهم : انه بعد مرور هذه المده يفترض ان كلاً منكم قد قطع شوط في الزراعه وانه لم يتقدم أحد بالاعلان عن فساد بذرته وانه بعد هذه المده من غير الممكن ان يكون احد منكم قد افسدها طيلة 6 شهور لذا اعلن عن اغلاق باب الانسحاب نهائياً والى لقائنا المرتقب بعد نفس المده ( 6 شهور ) في مكاننا هذا انتهى .

خرج بيتر وقد اسودت الدنيا في وجهه ووصل الى البيت وما فتئ يحاول انقاذ ما يمكن انقاذه من وضعه المزري مع بذرته الفاسده والتي أيقن بأنها فسدت ، لم يترك بيتر محاوله الا وأتاها في سبيل ذلك ولكن لم تجدي شتى محاولاته في الحيلوله دون الحقيقه المره لقد فشل في الاختبار ولا مناص من الاعتراف بذلك ، راحت زوجة بيتر تخفف المصيبه على زوجها واقنعته بأخذ راحه واجازه من العمل لعله يجد حلاً لهذا الأمر ، اقنع بيتر بكلام زوجته ففعل ذلك ، وبعد مرور مده تبادرت له فكره الا وهي ان يشترى بذره اخرى ويزرعها و بالتالي  يكون افضل حالاً على الاقل ، الا ان زوجته اخبرته ان لا يفعل لان رفاقه سابقيه بمده زمنيه كبيره وسيعرف المدير أنه استبدلها وبالتالي قد يغضب منه لانه لم يتقدم بالانسحاب من البدايه ، ترك بيتر التفكير بالموضوع والمنافسه طيلة 4 شهور و اخذ مده طويله قبل ان يستيقظ من غفلته ويرى بالرزنامه انه لم يتبقى امامه سوى شهر واحد على الموعد المحدد لنهاية المنافسه ففزع الى زوجته واخبرها انه عازم على شراء شجره جاهزه ، فأخبرته بأنه ان فعل وفاز بالمنافسه فإنه سيكون قد خدع مسؤوله وسيكون اخذ شيئاً لا يستحقه ، فأخبرها انه سيفعل حتى لايكون الوحيد اللذي لم ينجز خاصه وانه سمع زملاءه يتحدثون لموظفيهم عن حجم الانجاز في زراعتهم و حتى لا يكون سخريه لزملاءه وليس للفوز بالمنصب ، فقالت له زوجته : عليك أن تكون كما أنت لا يجب أن تكذب حتى تتقي كلام الناس بل كن صادقاً مع نفسك أولاً وسيحترم الناس ذلك .

وقع كلام الزوجه في قلب بيتر وعزم على المصارحه والمكاشفه ...

عندما حان الموعد :

في اليوم المحدد وبعد مرور عام كامل على الاجتماع الاول حضر المتنافسون كلٌ يحمل حوضه وفيه شجرته الكبيره والمنبته و المزهوه ، واخذوا يضعونها على جنبات قاعة الاجتماعات بإنتظار الرجل العجوز و النتيجه النهائيه معه ، واخذوا بالاحاديث الجانبيه واخذ كل منهم يسئل الآخر عن نوع السماد المستخدم و التربه وأخذ كل منهم يتباهى بنبتته و حجمها وانها هي التي ستفوز ، الا بيتر والذي أتى يحمل العلبه وبداخلها البذره الفاسده وهو كسير النفس متسلحاً بشيئٍ واحد الصدق والصدق فقط ، وبعد مده دخل عليهم الرجل العجوز و معه مجموعه من الخبراء وقال لهم يا ساده ارجو ان تخرجوا لنقوم بمعاينة نتاجكم وليكتب كلٌ منكم على ورقه اسمه وليضعها داخل الحوض الخاص بشجرته هنا فعل المتنافسون ما قال الرجل العجوز بإستثناء بيتر اللذي وضع علبته على الطاوله وخرج .

وبعد مده ليست بالوجيزه استدعى المالك المتسابقين وقال لهم : قبل ان اعلن اسم الفائز لفت انتباهي شيئ ! ثمة أحدكم لم يقدم شجرته !! ، بيتر اين هي شجرتك ؟

هنا تقدم بيتر وهو يرتجف من الحرج واشار الى علبته التي على الطاوله وسط انظار الجميع وقال ها هي يا سيدي بالعلبة التي أمامك ، فأشار العجوز الى مرافقيه ففتحوها واذا بها البذره كما هي !! ، فقال العجوز ولكنها بذره وليست شجره !

فأجاب بيتر : نعم يا سيدي لم أستطع زراعتها لقد فسدت ، سأله المالك : لما لم تتقدم بالانسحاب اذاً ؟؟
فأجاب بيتر : لم أكن أنوي التقدم فوراً بالانسحاب حتى لا أكون متخاذلاً و خاصه أن المده الممنوحه كبيره ولم أكن أعلم أنك ستغلق باب الأنسحاب عند منتصف المده .

هنا أخذ زملاءه بالضحك والتندر عليه و لسان حالهم يقول اهذه هي البذره التي اخذت لاجلها اجازةً وتفرغت لها !؟
تجاوز المالك هذا الحدث واشار الى بيتر بالتراجع و اخذ بالحديث قائلاً : ايها الساده اليوم وبعد عام كامل من لقاءنا الاول في هذه القاعه استطيع القول اني وجدت الشخص المناسب لقيادة المؤسسه من بعدي وان ائتمنه على عقود من البذل والعطاء انه صاحب اعظم واجمل نبته ، وهنا بدأ الحضور بالترقب وسادت لحظة صمتٍ شديد والكل يظن في نفسه الفائز ، فأكمل الرجل الكهل : و يسرني ان اعلن عن اسمه انه صاحب اعظم نبته : إنه (( بيتر ))

صعق الجميع غير ممكن الا ترى علبته الفارغه سوى من بذره فاسده !! ، ثم عن أي نبتةٍ تتحدث ؟؟ ، فأجاب المالك مبتسماً ايها الساده أنا أتحدث عن نبتة الصدق والأمانه التي أثمرت في قلب بيتر أيها الساده من غير الممكن ان تكون النباتات التي جلبتموها لكم ومن زراعتكم لأني قد أعطيتكم قبل عام بذرات عقيمه قد عُدلت مخبرياً حتى لا تُثمر وقد جئتموني جميعاً بنباتات مكتمله ، صحيح أني حريص على القيم التي أخبرتكم بها الصبر والمثابره والاهتمام ولكنها متوافره فيكم جميعاً والا لما وصلتم الى اماكنكم هذه الا ان القيمه الاهم هي الصدق والامانه وهي التي احتاجها في شخص سأضعه على هرم املاكي وهنا التفت المالك تجاه بيتر وقال له : بني أمامك مهمه صعبه وشاقه بالنظر الى كمية النباتات في هذه القاعه فلقد كشفت لك البذرات هذه طبيعة المدراء الذين سيكونون تحت إمرتك وسيكون أمامك مهمه صعبه لتنظيف المؤسسه من النباتات التي فيها ... انتهى


********

تُرى لو وزعنا هذه البذرات على مسؤولين الدوله اليوم كيف ستكون النتيجه وكم بذره سنحتاج لنعرف من منهم " بيتر " ومن منهم البقيه يا ترى ؟





هناك 3 تعليقات:

غير معرف يقول...

السلام عليكم

مرحبا أخوي محمد أشكرك على القصة الجميلة والممتعة

اذا حنا بنظف يا محمد الكويت من النباتات الفاسده الكويت راح تصير الربع الخالي هههههههههه

تقبل تحياتي وتسلم على القصة الجميلة والمفيدة

تقبل تحياتي

أخوك مشاري السندي

الفرقد يقول...

اهلاً ومرحباً بالصديق العزيز مشاري…

وكما قلت ستصبح ديرتنا قاحله لكن ابحث عن مكان
اشد قحطاً وفقراً بالنباتات من الربع الخالي ففيه الرمث و القشع
اما حالتنا ستصير اشد قحلاً و جفافاً منه

تحياتي لك وشكراً للمرور

غير معرف يقول...

Aw, this was a really nice post. In idea I would like to put in writing like this additionally - taking time and actual effort to make a very good article… but what can I say… I procrastinate alot and by no means seem to get something done.